بحث في المدونة من خلال جوجل

السبت، 29 مارس 2025

Textual description of firstImageUrl

ج3: عن قوله تعالى (عبس وتولى) - هل النبي معصوم من ظهور العبوس على وجهه - هل النبي عبس في وجه الأعمى كما زعم البعض - هل قصة ابن أم مكتوم حدثت في مكة أم في المدينة - هل كان ابن أم مكتوم مؤمن وقت مجيئه للنبي أم غير مؤمن - هل كان مجيء بن أم مكتوم والنبي يجالس جماعة أم شخص واحد.

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

رسالة

الرأي الأولى في تفسير قوله تعالى (عبس وتولى)

وبيان حقيقة قصة النبي مع الصحابي ابن مكتوم

 (الفصل الثالث)

هل عبس النبي في وجه الأعمى - وهل النبي معصوم من العبوس

#- فهرس:

:: الفصل الثالث :: عن مسائل متنوعة تتعلق بلفظ (عبس) ومكان حدوث قصة ابن أم مكتوم – وهل كان مؤمن أم لا – وكم شخص كان يحدثه النبي وقت أن جاءه بن أم مكتوم ::

1- س3: هل النبي معصوم من ظهور العبوس على وجهه ؟

2- س4: هل النبي عبس في وجه الأعمى كما زعم البعض ؟

3- س5: هل قصة ابن أم مكتوم حدثت في مكة أم في المدينة ؟

4- س6: هل كان ابن أم مكتوم مؤمن وقت مجيئه للنبي أم غير مؤمن حتى ذلك الوقت ؟

5- س7: هل كان مجيء بن أم مكتوم للنبي وهو يجالس جماعة أم شخص واحد ؟

*****************

:: الفصل الثالث ::

*****************

..:: س3: هل النبي معصوم من ظهور العبوس على وجهه ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من غرائب ما وجدته في بعض الكتب .. أنه ينكر حدوث العبوس من النبي .. وأتى بأحاديث منها أن أنس بن مالك قال أنه خدم النبي ولم يعبس في وجهه أبدا ..، وهذا كلام صحيح .. وكأن البعض يظن أن النبي معصوم من العبوس سواء لحزن أصابه أو لموقف ضايقه .. !!

 

- وهذا خطأ .. ليه ؟

1- لأن العبوس هو انفعال بشري يظهر نتيجته على الوجه .. بتقطيب ملامح الوجه أي مثل تطبيق ملامح الوجه أو بما يقال حاليا أنه مستاء من فعل معين .. والعبوس هو للدلالة على الإنزعاج الداخلي أي حالة نفسية يظهر أثرها على الوجه.

 

#- وإذا كان الأمر كذلك .. فما المشكلة في أن يظهر على وجه النبي شيئا من العبوس نتيجة ألم نفسي أو بدني .. أو نتيجة حزن أو غضب .. أو أي شيء يحبب انفعال وانزعاج بالضيق للإنسان .. وقد ظهر كل هذا على النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

- وإذا كان البعض يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يظهر منه عبوسا .. فهو أكيد فاهم العبوس خطأ .. إذا قد حصر مفهوم العبوس فقط في استياء الشخص بصورة فيها إهانة وتحقير للآخر .. !! وهذا خطأ في الفهم ..

 

2- بل قد يظهر العبوس على ملامح الوجه نتيجة الغضب .. وبالتالي لا نتصور أن النبي حينما كان يغضب لله .. فلا يظهر العبوس على ملامح وجه ..!!

- فعبوس الوجه هنا هو نتيجة انفعال بالغضب لله .. وليس عبوسا بقصد التحقير من شخص معين وإهانته .. وحاشاه صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك.

 

- ولذلك من يظن .. أن النبي قد عبس في وجه أحد تحقيرا منه أو إهانة له .. فهو مخرف.

 

- إذن: العبوس كانفعال إنسان يظهر أثره على وجه الإنسان .. وهذا بكل تأكيد قد يحدث مع النبي كإنسان في أحزانه وفي غضبه ..

 

#- خلاصة القول:

- من المهم أن تضع الأمور في مسارها الحقيقي .. لتعرف الفرق بين العبوس من أجل تحقير وإهانة الآخر .. والعبوس كانفعال داخلي نتيجة ألم نفسي أو انزعاج حدث للشخص قد يكون نتيجة موقف معين كوفاة أو نتيجة أذية من شخص ما .. وليس بالضرورة أن يكون العبوس نوعا من الهجوم على الآخر للتحقير منه وإهانته.

 

**********************

 

..:: س4: هل النبي عبس في وجه الأعمى كما زعم البعض ؟ ::..

 

- في بعض كتب التفاسير .. ستجد المفسر وهو يعرض قصة مجيء الأعمى للنبي .. فهو يذكر قولا خاطيء جدا .. وهو ما اعتبره مجرد خرافة لا وجود لها في القصة .. وهذه الخرافة هي أن النبي عبس في وجه ابن أم مكتوم .. ولعل عذر من يقول بذلك هو بعض الروايات السخيفة التي قرأها ومنسوبة لابن عباس .. وكلها روايات باطلة ولم تصح عن الصحابي عبد الله بن عباس .. وهذه الروايات أتت بألفاظ قبيحة جدا مثل (فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَعَبَسَ فِي وَجْهِهِ) .. وغالبا هذه الروايات مكذوبة على بن عباس .. وكذلك الروايات المروية عن التابعي الضحاك كلها روايات تالفة فضلا عن أنها ليست حجة .. وجاءت بألفاظ قبيحة جدا مثل (وكلما سأله عبس في وجهه وأعرض عنه) ومثل (فكرهه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وتولى عنه) .. وحتى أسانيد هذه الروايات باطلة ولم تصح عن أن التابعي الضحاك قد قالها ..!!

 

#- ولكن من المهم هنا أن نذكر حقيقة الخرافة التي تقول أن النبي عبس في وجه ابن ام مكتوم ..

1- سبق بيان أن مصدر خرافة عبوس النبي في وجه ابن ام مكتوم .. هي الروايات الباطلة المروية عن الصحابي عبد الله بن عباس وعن التابعي الضحاك .. وكلها أسانيد الشاهد منها يدل على انها مكذوبة على بن عباس وعلى الضحاك ..!!

 

- بل وتوجد رواية بلا سند مذكورة في بعض كتب التفاسر .. وفيها كذب كبير على النبي إذا أن هذه الرواية المكذوبة على النبي يذكرون فيها ماذا كان في نية النبي وضميره وماذا كلم به نفسه وقت مجيء الأعمى ..!! وهذه من أحقر الروايات على الإطلاق .. وقد سبق وذكرت كل هذه الروايات بالتفصيل في الفصل الأول.

 

2- من الأمور التي ستصيبك بالغرابة .. هو أن الراويات المحتمل تحسينها كرواية السيدة عائشة وأنس بن مالك .. لم يأت فيها ذكر جملة أن النبي (عبس) في وجه ابن ام مكتوم ولا حتى الروايات قالت أن النبي تولى عنه .. وإنما ذكرت بدلا من لفظ التولي بالإعراض .. فجاءت الروايات على أن ابن أم مكتوم جاء للنبي فأعرض عنه وجلس يتكلم مع الذي كان يتكلم معه .. (راجع الروايات في الفصل الأول) ..

 

#- واكتفي بذكر رواية واحدة من هذه الروايات .. وهو ما جاء في رواية محتمل تحسينها .. عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (أُنْزِلَتْ (عَبْسَ وَتَوَلَّى) فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى .. فَقَالَتْ: أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ: أَرْشِدْنِي ..

- قَالَتْ "أي السيدة عائشة": وَعِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ ..

- قَالَتْ "أي السيدة عائشة": فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِضُ عَنْهُ .. وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ وَيَقُولُ "أي يقول للآخر": أَتَرَى بمَا أَقُولُ بَأْسًا .. فَيَقُولُ "أي الآخر": لَا .. فَفِي هَذَا أُنْزِلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى) رواه الطبري والحاكم والترمذي وأبو يعلى وغيرهم ..

 

#- وبعد قرائتك لهذه الرواية أقول:

- أين في الرواية .. خرافة أن النبي عبس في وجه الصحابي بن أم مكتوم حينما جاءه .. ؟

- لا يوجد.

 

3- ما فائدة عبوس النبي في وجه ابن أم مكتوم وهو لا يرى ملامح النبي ؟!! فقد يعبس الإنسان في وجه شخض للدلالة على أنه مخنوق أو مستاء أو متضايق منه حتى يتوقف عما يفعله .. ولكن ما فائدة فعل ذلك من النبي لو كان فعله ؟ لا فائدة .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله أصلا .. بل حاشاه صلى الله عليه وسلم.

 

4- كيف يعبس النبي في وجه بن أم مكتوم وهو لم يقابله أصلا "كما قال البعض ذلك" لأن النبي أعرض عنه بالمقابلة أي لم يقابله حينما أتى مناديا عليه ؟!!

 

5- ولو كان النبي عبس في وجه بن أم مكتوم .. لكان عاب عليه من يجلس مع النبي .. واتخذوها ضده كمعيبة قد فعلها النبي مع من آمن به.

 

6- ولو كان النبي عبس في وجه بن أم مكتوم .. فما فائدة العتاب للنبي إذ أن العبوس لا تأثير فيه على نفسية بن ام مكتوم لأنه اعمى فكيف يرى هذا العبوس من النبي لو كان صدر منه وهو يواجهه ؟!!

 

7- والتولي عن ابن أم مكتوم .. لم يكن عن تواصل مع بن أم مكتوم أي لم يكن هو يجالس بن أم مكتوم فتولى عنه .. لا .. وإنما كان النبي يجالس أحد وأثناء ذلك جاء بن أم مكتوم طالبا مقابلته من خلال النداء عليه .. ولكنه قد انشغل بالتواصل مع غيره الذي يجالسه حتى ينتهي من جلسته معه ..  (هذا على افتراض أن الذي تولى هو النبي).

 

#- خلاصة القول:

1- أن البعض قال: أن النبي عبس في وجه عبد الله بن أم مكتوم .. وهذا باطل لم يحدث.. بل خرافة.

 

2- والبعض قال: أن النبي ظهرت كراهته في وجه بن أم مكتوم .. وهذا باطل ولا وجود له في القصة.

 

3- والبعض قال: أن النبي حدث نفسه فقال أن الكفار الجالسين معه سيظنون الآن أنه لا يتبعه إلا العميان والضعفاء والسفلة .. وهذا من أكذب ما قيل على النبي .. ومن أكبر الخرافات التي قيلت في هذه القصة ..!!

 

#- وكل ما سبق على افتراض أن قوله (عبس وتولى) .. يتعلق بالنبي وليس بأحد آخر.

 

********************

 

..:: س5: هل قصة ابن أم مكتوم حدثت في مكة أم في المدينة ؟ ::..

 

- من غريب ما تجده في بعض الكتب .. هو أن تجد البعض ينقل قولا منسوب لسيدي أبي بكر بن العربي المالكي رحمه الله .. وهذا القول هو ما ذكره الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره إذ قال: "قال ابن العربي: أما قول علمائنا إنه الوليد بن المغيرة فقد قال آخرون إنه أمية بن خلف والعباس وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين، ذلك أن أمية بن خلف والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة، ما حضر معهما ولا حضرا معه، وكان موتهما كافرين، أحدهما قبل الهجرة، والآخر ببدر، ولم يقصد قط أمية المدينة، ولا حضر عنده مفردا، ولا مع أحد." (تفسير القرطبي ج19 ص212).

 

#- ملحوظة: ابن العربي هو القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله (المتوفى:543هـ) .. وهو من أكابر أصحاب المذهب المالكي ومن خاصتهم.. وله عقل راجح وهو حجة في الفقة والتفسير.

 

- ولعل الإمام أبو بكر ابن العربي .. قد اغتر بحديث التابعي "الضحاك بن مزاحم" الذي رواه عنه الطبري في تفسيره والذي جاء فيه (وجاء رجل من الأنصار أعمى يقال له: عبد الله بن أمّ مكتوم، فجعل يسأل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ...) رواه الطبري في تفسيره بسند ضعيف جدا ومتن فيه نكارة .. (راجع الفصل الأول).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

 - ما ذكره الإمام بن العربي رحمه الله .. هو كلام غير موفق فيه لأن فيه خطأ .. ليه ؟

1- إذ أن عبد الله بن أم مكتوم هو مكي من قريش .. وكان ممن أسلم قديما .. وبالتالي لا مانع من صحة القصة في تواجد بن أم مكتوم في مجلس كان فيه أحد أكابر قريش ..، وإنما عبد الله بن أم مكتوم هاجر إلى المدينة مع المهاجرين وقبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

2- فضلا عن أن سورة عبس هي مكية ونزلت قبل الهجرة بسنوات .. !!

- فما علاقة قصة بن أم مكتوم بالمدينة بسورة عبس ..!!

 

- ثم وجدت من كلام العلماء ما يؤكد ظني السابق .. وفيه رد على ما ذكره الإمام بن العربي رحمه الله .. إلا أن العلماء ينسبون هذا الرد على القرطبي ..

 

@- وإليك بعض مما قاله العلماء ..

1- قال الإمام عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) عن ابن أم مكتوم:

- كان قديم الإسلام بمكة .. وهاجر إلى المدينة مع مصعب بن عمير قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز ج8 ص485).

 

2- قال الإمام أبو حيان الأندلسي رحمه الله (المتوفى: 745هـ) عند قوله (أما من استغنى):

- وهذا المستغني: هو الوليد، أو أمية، أو عتبة وشيبة، أو أمية .. وجميع المذكورين في سبب النزول .. أقوال.

- قال القرطبي: وهذا كله غلط من المفسرين .. لأنه أمية والوليد كانا بمكة .. وابن أم مكتوم كان بالمدينة ما حضر معهما .. وماتا كافرين .. أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر .. ولم يقصد قط أمية المدينة .. ولا حضر معه مفردا ولا مع أحد. انتهى.

- والغلط من القرطبي .. كيف ينفي حضور ابن أم مكتوم معهما ؟ وهو وهم منه .. وكلهم من قريش ، وكان ابن أم مكتوم بها .. والسورة كلها مكية بالإجماع .. وكيف يقول: وابن أم مكتوم بالمدينة ؟

- كان أولا بمكة .. ثم هاجر إلى المدينة .. وكانوا جميعهم بمكة حين نزول هذه الآية. (البحر المحيط في التفسير ج10 ص407).

 

#- ملحوظة: أبو حيان نسب الوهم أو الخطأ للقرطبي .. يمكن لأن القرطبي وافق أبو بكر بن العربي على ما ذكره لأنه لم يعقب عليه .. فكأن رأي بن العربي كان هو أيضا رأي القرطبي .. أو لعله لم ينتبه إلى أن القرطبي نسب هذا القول للإمام بن العربي .. والله أعلم.

 

3- قال الإمام الألوسي رحمه الله (المتوفى:1270 هـ):

- وهو من المهاجرين الأولين هاجر على الصحيح قبل النبـي صلى الله عليه وسلم.

- ووهم القرطبـي في زعمه أنه مدني وأنه لم يجتمع بالصناديد المذكورين من أهل مكة. (تفسير روح المعاني ج15 ص242).

 

- والله أعلم.

 

************************

 

..:: س6: هل كان ابن أم مكتوم مؤمن وقت مجيئه للنبي أم غير مؤمن حتى ذلك الوقت ؟ ::..

 

- من الأمور التي اختلف فيها العلماء .. وهو أن عبد الله بن أم مكتوم .. حينما ذهب إلى النبي .. هل كان مؤمن أم كان غير مؤمن ؟ وبالتالي اختلف التفسير لألفاظ التزكية في الآيات من قوله (لعله يزكى) .. فالبعض حمل لفظ (يزكى) على أنه يريد أن يسلم .. والبعض حمله على الإرتقاء بتزكية الباطن من خلال المعرفة بالله ..

 

- أكثر أهل العلم الذين قرأت لهم .. يظهر من كلامهم أنه كان مؤمن .. ولكن بعض العلماء كالإمام السهيلي رحمه الله ظن أنه كان غير مؤمن حينما ذهب للقاء النبي.

 

#- قال الإمام السهيلي رحمه الله (المتوفى: 581هـ):

- وفي قوله سبحانه (أن جاءه الأعمى) عبس:2 .. من الفقه أن لا غيبة في ذكر الإنسان بما ظهر في خلقته من عمى أو عرج إلا أن يقصد به الازدراء فيلحق المأثم به لأنه من أفعال الجاهلين قال الله تعالى: (أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) البقرة: 67 .

- وفي ذكره إياه بالعمى من الحكمة والإشارة اللطيفة: التنبيه على موضع العتب لأنه قال (أن جاءه الأعمى) فذكر المجيء مع العمى .. وذلك ينبئ عن تجشم كلفة .. ومن تجشم القصد إليك على ضعفه فحقك الإقبال عليه لا الإعراض عنه ..

- فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتوبا على توليه عن الأعمى، فغيره أحق بالعتب ..

-  مع أنه لم يكن آمن بعد ألا تراه يقول (وما يدريك لعله يزكى) عبس:3 .. الآية.

- ولو كان قد صح إيمانه وعلم ذلك منه .. لم يعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم .. ولو أعرض لكان العتب أشد .. والله أعلم.

- وكذلك لم يكن ليخبر عنه ويسميه بالاسم المشتق من العمى .. دون الاسم المشتق من الإيمان والإسلام لو كان دخل في الإيمان قبل ذلك. والله أعلم.

-  وإنما دخل فيه بعد نزول الآية ويدل على ذلك قوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - استدنني يا محمد ولم يقل استدنني يا رسول الله مع أن ظاهر الكلام يدل على أن الهاء في (لعله يزكى) عائدة على الأعمى، لا على الكافر لأنه لم يتقدم له ذكر بعد ولعل تعطي الترجي والانتظار ولو كان إيمانه قد تقدم قبل هذا لخرج عن حد الترجي والانتظار للتزكي، والله أعلم. (الروض الأنف ج3 ص303-304).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ما ذهب إليه الإمام السهيلي وغيره من العلماء .. كلام غير موفق .. ليه ؟

- لأن الذي يثبت أن ابن أم مكتوم كان مؤمنا .. هو الآتي:

1- أنه كان جاء طالبا للإرشاد والمعرفة .. وهذا ليس حال من لم يؤمن .. فضلا عن أن قوله تعالى (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى) تدل على إيمانه .. إذ أن الخشية لا تكون إلا لمن آمن .. ويريد مزيد من العلم للتثبيت .. والتعلق بالله..

 

2- لو كان غير مؤمن .. وتجاهله النبي لكان العتاب أشد .. إذ كيف يرفض إيمان أحد ؟!!

 

#- أما ما ذكره الإمام السهيلي في حجته فهذا له رد:

1- ففيما يتعلق بقوله (يزكى) ليس بالضرورة أن يكون المقصد به هو الإيمان .. بل الأقرب للصواب هو طلب مزيد من العلم والمعرفة بالله بدلالة ما بعدها وهو (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى).

 

2- وأما عن وصف الأعمى بكونه أعمى دون ذكر اسمه .. فهذا للدلالة على أنه كان جديرا بالنبي أن لا يتولى عنه .. فإذا كان هذا هو الأعمى في الظاهر .. فمن كان يجالسه هو الأعمى في الباطن .. وأعمى الظاهر له كرامة لإيمانه .. وأعمى الباطن لا كرامة له.

 

3- أما مناداة ابن أم مكتوم على النبي بلفظ (يا محمد) .. فهذا لأنه لم يكن قد نزل قوله تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) النور:63.. أي لا تقولوا يا محمد وإنما قولوا يا نبي الله أو يا رسول الله ..، وكذلك لو دعاكم لأمر فاستجيبوا فورا وليس على التراخي كما يفعل بعضكم مع بعض ..، وهذه من الآيات التي نزلت في المدينة.  

- والله أعلم.

 

**************************

 

..:: س7: هل كان مجيء بن أم مكتوم للنبي وهو يجالس جماعة أم شخص واحد ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من المسائل التي ستلاحظها في كتب التفسير .. ستجد اختلاف فيمن كان يجالسه النبي .. وذلك يرجع لاختلاف ما بلغهم من الروايات.

1- فراوية قالت .. أنه شخص واحد .. وهو "أُبي بن خلف" كما في رواية أنس بن مالك .. والبعض ظن بدون أي رواية على أنه "الوليد بن المغيرة" ..، والبعض أخذ برأي التابعي الضحاك بن مزاحم وهو قال في روايته أن كان رجل من قريش دون تحديد اسمه ..، والبعض أخذ برواية عروة بن الزبير الذي قال فيها "رجل من عظماء المشركين".

 

2- ورواية قالت: أنهما كانا اثنين .. وهما عتبة وشيبة بن ربيعة .. كما جاء في رواية السيدة عائشة.

 

3- وروايت قالت: أنهم كانوا جماعة .. ففي رواية أنهم كانوا ثلاثة وهم "عُتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب" كما في رواية بن عباس ..، والبعض قال أنهم كانوا خمسة وهم " عتبة بن ربيعة وأباجهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأبي بن خلف وأخاه أمية" كما جاء هذا في رواية مجهولة السند ..، والبعض قال أنهم كانوا جماعة عظماء من قريش دون تحديد أسمائهم كما في أحد الروايات عن السيدة عائشة ..

 

#- ملحوظة: كل ما جاء في الروايات السابقة .. لا حجة فيه .. لأن الروايات كلها لا تخلو من علة .. وإنما أحببت أن أوضح لك سبب اضطراب العلماء في تفسيرهم واختلافهم ماذا كان مصدره .. وطبعا لا يخفى عليك أخي الحبيب أن غالب علماء التفسير لم يكن لهم علم بحكم الروايات من حيث كونها صحيحة أم ضعيفة .. لأنهم لم يكن لديهم مصدر يخبرهم بصحة أو ضعف رواية إلا من خلال ما يبلغهم من مشايخهم .. وكان هذا في الغالب أمر صعب التحقق منه في القرون الأولى إلا لمن جمع الله له معرفة علم أحوال رجال السند .. وكان هذا شيء عزيز جدا .. حتى جاء القرن الخامس الهجري .. وهو الذي انتشر فيه  المراجع والمصادر التي حققت الأحاديث والروايات الضعيفة والموضوعة مثل "تذكرة الموضوعات" للضياء المقدسي ..، بخلاف جمع الأحاديث الصحيحة فهذا كان أول من فعله الإمام البخاري في القرن الثالث الهجري.

 

- فالتمس العذر لأهل التفسير القدماء في عدم تمييزهم الصحيح من الضعيف .. إذا كيف يحكم على رواية وهو لا يعلم كيف يحكم عليها ..؟!! .. ولذلك ستجد في كتب التفاسير التي تم كتابتها ما بعد القرن الخامس الهجري .. كان فيها نقد والطعن على ما كان يتم كتابته في التفسير السابقة لها .. حتى أتى القرن العشرين وتجاهل علماء التفسير كثير جدا من الروايات التي كان يتم تداولها في كتب المفسرين السابقة خاصة روايات الإسرائليات فتكاد تكون عدم في كتب التفسير الحديثة .. لأنه أصبح لديهم القدرة على نقد الروايات بسبب توافر المراجع العلمية التي تساعدهم على توضيح ما هو صحيح أو غير صحيح ..

 

#- وخلاصة القول:

1- لا نعلم على وجه التحديد من الذي كان النبي يكلمه وقت أن جاءه بن أم مكتوم .. فلا نعرف اسمه تحديدا .. ولا نعرف كان شخص واحد من سادة قريش أم شخصين من سادة قريش أم جماعة من سادة قريش ..

 

2- والذي أظنه " عن رأيي الخاص" .. أن النبي كان يجالس شخص واحد وقت ان جاءه بن ام مكتوم .. لأن سياق القرآن لا يدل على أنهم كانوا جماعة .. وهذا ظاهر جدا من ألفاظ الآيات التي قالت: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) عبس:3-7.

- والله أعلم.


*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 29 تعليقًا:

  1. جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل

    ما اشبه من يقول مالا يليق في حق النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير ( عبس ) ذكّرني بمن خانتهم عقولهم وقلوبهم في تفسير ( ووجدك ضالا فهدى ) ؛ وقد اتهموه بما يقف له شعر الرأس ويقشعر له البدن .. - فقد اتهموه بالضياع او النسيان او بالغفلة عن معالم النبوة واحكام الشريعة فهداه الله للتوحيد واستدلوا بالايات " وإن كنت من قبله لمن الغافلين " ٫ " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان " !! - .. وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. فالمقصود والله اعلم انه في سلوكه للتعرف على ربه ضل عن قومه طالبا وصال ربه .. فهداه الله الى جنابه ... (( وياريت يكون معراجك المقبل بعد قصة ابن ام مكتوم ؛ مع تلك الآية 7 من سورة الضحى فهناك تفاسير مؤذية نفسيا اذى لا يحتمل ))

    فكما وجهتنا استاذنا .. ان نسقط التصور المسبق الذي في عقولنا ونبدأ بالتدقيق في اللفظ وموقعه من الآية .. مع التحقيق في المعنى من غير تعصب لرأي او تمسك بمفهوم محدد .. والقراءة الكثيرة لمختلف التفاسير بكل هدوء حتى لمن هم على غير ديننا دون انجراف وراء العاطفة .. مع عرض التحقيق على نصوص القرآن والسنة ..

    هذا .. والله اعلم
    ربي يعلمنا ويفهمنا ويؤدبنا ويحققنا

    ردحذف
    الردود
    1. أختي الكريمة قطر النّدى،

      "الحضرة النبويّة لا تدنّس"، لو آمنّا بهذا فسيأتي تفسير الآيات بشكل يسير, فـسنفهم أنّ الضلال ليس له هو صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، بل بمعنى أنّه كان "ضالا" عند قومه، هم اعتبروه ضالا، و"لمن الغافلين" عن حقيقة ذاواتهم الرّوحانيّة العليّة... إلخ...في إنتظار تطرّق أستاذنا الأكرم لهذه المعاني.

      حذف
  2. جزاك الله خيراً... رحلة موفقة إن شاء الله لمعرفة أصل الموضوع.
    ربنا يعينك ويفتح عليك بما يحب ويرضى... ❤️

    ردحذف
  3. سبب نزول سورة عبس أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فَكَرِهَ رسول الله أن يقطع عليه ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ كلامه، فعبس وأَعْرَضَ عنه فَنَزَلَتْ الآيات. فكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد ذلك يكرمه ويقول إذا رآه: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، ويقول له: هل لك من حاجة؟.

    - تجدر الإشارة إلى أنَّ ذِكْره بلفظ الأعمى ليس لتحقير شأنه، ولكن للإشعار بعذره في الإقدام على قطع الكلام، فكأنه قيل: إنه بسبب عماه استحق مزيد الرفق والرأفة والتقريب والترحيب، فكيف يليق بك يا محمد أن تَخُصَّه بالعبوس والإعراض!!

    وفي هذه الآيات دروس ووقفات تربوية كثيرة، وفي السطور التالية اشارة إلى أبرز هذه الوقفات.

    الوقفة الأولى- مناط المعاتبة هو العبوس للمؤمن بحضرة المشرك:

    مناط العتاب -الذي تؤتيه لهجة الآية- إنما هو عتاب على العبوس والتولي، وليس على ما حَفَّ بذلك من المبادرة بدعوة، وتأخير إرشاد، لأن ما سلكه النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الحادثة من سبيل الإرشاد لا يستدعي عتابا، إذ ما سلك إلا سبيل الاجتهاد المأمور به فيما لم يوح إليه فيه. وهو داخل تحت قوله تعالى لعموم الأمة: (فاتقوا الله ما استطعتم).

    فلا قِبَل له بعلم المغيبات إلَّا أن يطلعه الله على شيء منها، فلا يعلم أن هذا المشرك مُضْمر الكفر والعناد، وأن الله يعلم أنه لا يؤمن، ولا أن لذلك المؤمن في هذا الوقت- صفاء نفس وإشراق قلب -لا يتهيآن له في كل وقت... فمناط المعاتبة هو العبوس للمؤمن بحضرة المشرك الذي يستصغر أمثال ابن أم مكتوم([1]).

    وقد أشار الفخر الرازي (ت 606هـ) إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأذونا له في تأديب أصحابه، لكن هاهنا- لما أوهم تقديم الأغنياء على الفقراء وانكسار قلوب الفقراء، وكان ذلك مما يوهم ترجيح الدنيا على الدين- فلهذا السبب جاءت هذه المعاتبة ([2]).



    الوقفة الثانية- التنويه بسمو منزلة المؤمنين وعلو قدرهم:

    من المقاصد الأساسية لسورة عبس: التنويه بضعفاء المؤمنين، وعلو قدرهم، ووقوع الخير من نفوسهم والخشية، والحث على الترحيب بهم والإقبال عليهم وقضاء حوائجهم، وعدم إيثار الأغنياء عليهم([3]).

    ويُروى أنه -صلّى الله عليه وسلّم- ما عبس بعدها في وجه فقير قط، ولا تصدّى لغني. وقد تأدب الناس بأدب الله في هذا تأدبا حسنا. فعن مسروق قال: دخلت على عائشة، وعندها رجل مكفوف تَقْطَعُ له الفاكهة وتُطْعِمُهُ إِيَّاها، فقلت: من هذا يا أم المؤمنين؟ فقالت: ابن أم مكتوم الذي عاتب الله فيه نبيه -صلى الله عليه وسلم-([4]).

    وفي السورة -أيضا- كما يقول البقاعي (ت: 885هـ) إشارة إلى أن الاستغناء والترف أمارة الإعراض وعدم القابلية والتهيؤ للكفر والفجور، وإلى أن المصائب (إشارة إلى عمى ابن أم مكتوم) أمارة للطهارة والإقبال واستكانة القلوب وسمو النفوس لشريف الأعمال، فكل من كان فيها أرسخ كان قلبه أرق وألطف فكان أخشى، فكان الإقبال عليه أحب وأولى ([5])

    ردحذف
  4. الوقفة الثالثة- اجتهاد النبي جرى على قاعدة إعمال أرجح المصلحتين:

    في هذه الآيات" أعْلَمَ الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن ذلك المشرك الذي مَحَّضَه نُصْحه لا يرجى منه صلاح، وأن ذلك المؤمن -الذي استبقى العناية به إلى وقت آخر- يزداد صلاحا تفيد المبادرة به؛ لأنه في حالة تلهفه على التلقي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد استعدادا منه في حين آخر....

    وهي دليل لما تقرر في أصول الفقه من جواز الاجتهاد للنبي -صلى الله عليه وسلم- ووقوعه، وأنه جرى على قاعدة إعمال أرجح المصلحتين بحسب الظاهر، لأن السرائر موكولة إلى الله -تعالى-، وأن اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- لا يخطئ بحسب ما نصبه الله من الأدلة، ولكنه قد يخالف ما في علم الله، وأن الله لا يقر رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما فيه مخالفة لما أراده الله في نفس الأمر([6]).

    فالنبي -عليه الصلاة والسلام-كما يقول بن حزم (ت 456هـ) اشتغل بما خاف فوته من عظيم الخير، عما لا يخاف فوته، وهذا غاية النظر في الدين والاجتهاد في نصرة القرآن -في ظاهر الأمر-، ونهاية التقرب إلى الله، الذي لو فعله اليوم منا فاعل، لأُجِر؛ فعاتبه الله -عزّ وجلّ- على ذلك، إذ كان الأولى عند الله -تعالى- أن يقبل على ذلك الأعمى الفاضل البر التقي([7]).



    الوقفة الرابعة - دلالة القصة على صدق الرسول في تبليغ الوحي:

    بَلَّغَ النبي- صلى الله عليه وسلم- رسالة ربه أتم البلاغ وأكمله، فكان يقرأ على الناس ما أنزل إليه من ربه -كما هو- مهما بلغت شدة العتاب فيه.

    يقول القاسمي (ت 1332هـ): في هذه الآيات ونحوها، دليل على عدم ضَنِّه -صلى الله عليه وسلم- بالغيب. قال بعض السلف: لو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتم من الوحي شيئا، كتم هذا عن نفسه([8])..

    ويقول محمد بن عبد الله دراز (ت 1377هـ) في بيان مصدر القرآن: وكأني بك ها هنا تحب أن أقدم لك من سيرته المطهرة مثلًا واضح الدلالة على مبلغ صدقه وأمانته في دعوى الوحي الذي نحن بصدده، وأنه لم يكن ليأتي بشيء من القرآن من تلقاء نفسه، من ذلك:

    مخالفة القرآن لطبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعتابه الشديد له في المسائل المباحة: حيث كانت تنزل به نوازل، وكان يجيئه القول فيها على غير ما يحبه ويهواه؛ فيخطئه في الرأي يراه، ويأذن له في الشيء لا يميل إليه، فإذا تلبث فيه يسيرًا تلقاه القرآن بالعتاب، حتى في أقل الأشياء خطرًا ...

    أرأيت لو كانت هذه التقريعات المؤلمة صادرة عن وُجدانه، معبرة عن ندمه ووخز ضميره -حين بدا له خلاف ما يرى- أكان يعلنها عن نفسه بهذا التهويل والتشنيع؟ ألم يكن له في السكوت عنها ستر على نفسه، واستبقاء لحرمة آرائه؟ ... ([9]).



    الوقفة الخامسة- العروج بالحبيب في معارج التعليم والتأديب:

    لو نظرت أخي الكريم "في الأمور التي عوتب فيها النبي لوجدتها تنحصر في شيء واحد، وهو أنه -عليه الصلاة والسلام- كان إذا ترجح بين أمرين- ولم يجد فيهما نص- إنما اختار أقربهما إلى رحمة أهله، وهداية قومه، وتأليف خصمه، وأبعدهما عن الغلظة والجفاء، وعن إثارة الشبه في دين الله، فلم يكن بين يديه نص فخالفه عن قصد، بل هو مجتهدٌ بذل وسعه في النظر، ورأى نفسه مخيرًا فتخير، ... على أن الذي اختاره كان هو خير ما يختاره ذو حكمة بشرية، وإنما نبهه القرآن إلى ما هو أرجح في ميزان الحكمة الإلهية. هل ترى في ذلك ذنبًا يستوجب هذا العتاب؟ أم هو مقام الربوبية ومقام العبودية، وسنة العروج بالحبيب في معارج التعليم والتأديب؟([10]).

    فقد كان صلى الله عليه وسلم في حِجْر (أي في كَنَف وحماية) تربية ربه، لكونه حبيبا؛ فكلما ظهرت نفسه بصفة حَجَبَتْ عنه نور الحق، عوتب وأُدِّب إلى أن تخلق بأخلاقه -تعالى- ([11])

    ردحذف
  5. الوقفة السادسة- صلاح الفرد وسيلة لصلاح الأمة:

    نحن أمام حالين: "حال مؤمن هو مظنة الازدياد من الخير، وحال كافر مصمم على الكفر، تؤذن سوابقه بعناده، وأنه لا يفيد فيه البرهان شيئا.

    وإن عميق التوسم في كلا الحالين قد يكشف للنبي -صلى الله عليه وسلم- بإعانة الله رجحان حال المؤمن المزداد من الرشد والهدي، على حال الكافر الذي لا يغر ما أظهره من اللين -مصانعة أو حياء من المكابرة-؛ فإن كان في إيمان الكافر نفع عظيم عام للأمة بزيادة عددها ونفع خاص لذاته.

    وفي ازدياد المؤمن من وسائل الخير وتزكية النفس نفع خاص له، والرسول مخاطب بالحفاظ على مصالح المجموع ومصالح الآحاد، بيد أن الكافر صاحب هذه القضية تنبئ دخيلته بضعف الرجاء في إيمانه لو أطيل التوسم في حاله، وبذلك تعطل الانتفاع بها عموما وخصوصا، وتمخض أن لتزكية المؤمن صاحب القضية نفعا لخاصة نفسه، ولا يخلو من عود تزكية بفائدة على الأمة بازدياد الكاملين من أفرادها...؛ فكان ذلك موقع هذه الوصية المفرغة في قالب المعاتبة، للتنبيه إلى الاهتمام بتتبع تلك المراتب، وغرس الإرشاد فيها على ما يرجى من طيب تربتها، ليخرج منها نبات نافع للخاصة وللعامة([12]).



    الوقفة السابعة- غاية الدين تزكية النفس بمعرفة الله وعبادته:

    التزكية: معناها تطهير النفس؛ يقال: زكا الزَّرعُ: نما وزاد، وزكا الشَّخصُ وتزكَّى: اهتدى وصلُح وتطهّر.



    وقد اهتمت الآيات الكريمة بموضوع التزكية، يشير إلى ذلك قوله -تعالى-: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى)[عبس: 3-4]، والمعنى: وما يدريك إذا أقْبَلْتَ على الأعمى بالإرشاد، فإنه قد يتزكى تزكية عظيمة كانت نفسه متهيئة لها ساعتئذ، إذ جاء مسترشدا حريصا. إذ الهدى الذي يزداد به المؤمن رفعة وكمالا في درجات الإيمان هو كاهتداء الكافر إلى الإيمان، لا سيما إذ الغاية من الاهتداءين واحدة ...

    وجملة (أو يذكر) عطف على (يزكى)، أي ما يدريك أن يحصل أحد الأمرين وكلاهما مهم، أي تحصل الذكرى في نفسه بالإرشاد لما لم يكن يعلمه، أو تذكر لما كان في غفلة عنه ([13]).

    كما أشارت الآيات إلى التزكية في قوله -تعالى-: (وما عليك ألا يزكى)؛ أي: لا بأس ولا شيء عليك في ألا يسلم ولا يهتدي، ولا يتطهر من الذنوب، فإنه ليس عليك إلا البلاغ، فلا تهتم بأمر من كان مثل هؤلاء من الكفار.

    فدل ذلك على أن من المقاصد الأساسية للدين: تزكية النفس بمعرفة الله وعبادته، وما شرعه من الأعمال والأخلاق والآداب؛ فهذا نبي الله موسى -عليه السلام- يقول لفرعون: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى)[النازعات: 19 - 18]، وكان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاها، وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاها، أنْتَ وَلِيُّها وَمَوْلاها" ([14]).
    نسأل الله أن يثبتنا على دينه، ويميتنا ويحيينا عليه، إنه جواد كريم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    أحمد عبد المجيد مكى

    ردحذف
  6. ملخص الجزء الثالث ..

    1.. العبوس .. هو انفعال بشري يظهر نتيجته علي الوجه .. للدلالة علي الانزعاج الداخلي

    2.. العبوس .. قد يحدث للنبى نتيجة انفعال الغضب لله .. وليس عبوس اهانة او تحقير من شخص وحاشاه.

    3.. العبوس .. من النبي في وجه ابن ام مكتوم وانه تولى عنه ما هو الا خرافة .. بأسانيد باطلة ومكذوبة .. حتى تَدَخَّلوا في نيتة  وضميرة .

    4.. الروايات المحتمل تحسينها كرواية السيدة عائشة وانس بن مالك .. لم يأت فيها جملة ان النبي عبس في وجه ابن ام مكتوم ولا تولى عنه

    5.. ابن ام مكتوم .. كان مؤمنا حين الواقعة بدليل .. وهو يخشى .. اذ ان الخشية لا تكون الا لمن امن ويريد مزيد من العلم للتثبيت والتعلق بالله

    6.. وأما وصف الاعمى بكونه أعمى دون ذكر اسمه .. فهذا للدلالة على أنه كان جديرا بالنبي أن لا يتولى عنه .. فاذا كان هذا هو الاعمى في الظاهر .. فمن كان يجالسه هو الاعمى في الباطن .. واعمى الظاهر له كرامة لإيمانه .. واعمى الباطن لا كرامة له .

    7.. اعجبنى جدا استاذ خالد .. التماسك العذر لأهل التفسير القدماء في عدم تمييزهم الصحيح من الضعيف .. والنقد كان ما بعد القرن الخامس الهجري .. حتى القرن العشرين .. حتى اصبح لديهم القدرة علي نقد الروايات بسبب توافر المراجع العلمية بما هو صحيح وغير صحيح

    8.. لا نعلم من الذي كان النبي يكلمه وقت ان جاءه بن ام مكتوم .. وعن رأي خاص بأستاذ خالد .. ان النبي كان يجالس شخص واحد وهذا ظاهر من سياق الآيات

    كان هذا ملخص الجزء الثالث ..

    والله ولي التوفيق

    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  7. طبعا مجد عنده علوم الظاهر.
    فقط
    منتظر أنتهاء رسالة عبس
    حتى أدلي بدلوي المتواضع بالبحث عن موضوع عبس
    وسوف يفأجى الجميع رأيي
    ...........
    ملاحظة
    كان بيكون الموضوع حلو ورائع
    لو
    بدأنا بموضوع العصمة لغة وأصطلاحا.وهل المرسلين معصومين أو لا؟
    المهم

    لله الأمر من قبل ومن بعد هو الله وهذه حكمته

    ردحذف
    الردود
    1. توكلنا على الله بسم الله نبدأ
      طبعا
      لمن نفسر القرأن المجيد يجب علينا:
      أول شيء أن نفسر القرأن بالقرأن
      تاني شيء أن نفسر القرأن بصحيح السنة النبوية القولية أو الفعلية.
      ثالث شيء نفسر القرأن بروح الشريعة الاسلامية يعني مقاصد الاسلام
      لكن
      الذي يحدث للأسف أن الكثير منا من السلف والخلف لايحبذون تفسير القرأن بالقرأن!!!
      فتراهم
      يقفزون.للأحادث النبوية الضعيفة. وبتجاهلون تفسير القرأن بالقرأن ومن ثم بصحيح السنة القولية أو الفعلية العملية.

      حذف
    2. طيب
      مجد يقصد أن مربط الفرس مش كلمة عبس.
      بل
      مربط الفرس هو( قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ (17) مِنۡ أَيِّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥ (18) مِن نُّطۡفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ (19) ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ (21)).سورة عبس.
      =( قتل الانسان ماأكفره)
      (إن الانسان لربه لكنود)

      حذف
    3. البعض منكم قد يقول: يامثبت العقل والدين يارب
      مادخل قتل الانسان ما أكفره؟
      بموضوع عبس وتولى؟
      جوابي عليكم
      هو ماقلته باالبداية يجب علينا تفسير القرأن بالقرأن.
      يعني
      لن نفهم سورة عبس مالم نفهم سورة المدثر.
      طيب
      هل قصدك يامجد كلمة عبس وبسر التي بسورة المدثر وكلمة عبس وتولى التي بسورة عبس؟
      جوابي عليكم لا
      بل
      قصدي هو( قتل الانسان ما أكفره)؟
      وضح يامجد عاوزين نفهم يامجد
      حاضر
      صبركم عليا

      حذف
    4. أخي الكريم مجد،

      قد يكون لكلامك وجهة نظر، ولكن سترى أنّنا سنحتاج تعريفها هذه العصمة أكثر وتقدير أهميّتها عند ظهور هذه الحاجة في الممارسة التطبيقيّة على آي القرآن، ولو أُوردت برسالة قبلها فأغلبنا سيقبل تعريفاتها دون تصوّرات في الذّهن، بل لعلّه دون طرح أسئلة ربّما، أما والحال أنّ الحاجة دعت لتحديدها وتعريفها، فستجد الكلّ متجنّد إن شاء الله تعالى يريد مقابلة هذا التّعريف أو ذاك بآيات القرآن، وهذا لا يكون إلّا بالمزاوجة بين شرح موضوع ما يحتاجها كعماد وتعريفها هي معه بالتوازي بما يتناسب ومحكم التّنزيل.

      تحيّاتي لك

      حذف
    5. متفقين ياأخونا الفاضل نزار متفقين
      لو
      كان في دروووس من قبل عن العصمة واللطف.
      كنت لن تسأل أسئلة كثيرة عن موضوع العبوس.
      لكن
      الأمر أمر الله والحكم حكمه وكلنا راجعين إلى الله الحكيم
      كل شيء مترتب بحكمة إلهية نحن لانعلمها بل الله وحده يعلمها.
      أحتمال
      البدأ بدرس العبوس قبل ما نبدأ بدرس عصمة الانبياء والمرسلين= بيفتح أفاق جديدة كانت لن تنفتح إذا تم البدأ بالبداية بدرس العصمة.
      ...
      فدرووس المدونة تمشي ببركة الله الحكيم العليم

      حذف
    6. شوف يانزار
      كانت نية مجد بعد أنتهاء رسالة المعراج
      أن.يتم.فتح.ملف الشبهات بتاعت الايات القرأنية التي تعاتب النبي.
      وكنت.قبل سنين.بعثت الشبهات للاستاذ بملف بدف.
      أظن عشرات الايات
      ومجد لم.يكن عاجبه فتح قصة سيدنا أيوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
      لكن
      الان
      بدأنا بالعبوس وبننتقل لضالا فهدى وغيرها......
      يعني
      سنة 2025م
      بتكون سنة رد الشبهات عن سيد السادات
      صلوا عليه ياقارئين

      حذف
    7. غدا إن شاء الله القادر
      نحسم ملف العبوس عن من هدانا إلى صراط القدوس
      وأظن بنسبة 90 بالمئة
      أن العابس بسورة المدثر هو العابس بسورة عبس
      و
      كلاهما شخص واحد هو محور القصة في سورتي المدثر وعبس.

      حذف
    8. شوف يانزار
      سيدنا النبي بالبرزخ الان بيكون عابس أي وجهه وشه زعلان وحزين ومقطب الحاجبين.
      بسبب
      أن أمته لايتفقون على موعد رمضان والعيد.!!!!
      نحن باليمن العيد الاحد وعندكم الاثنين.
      فهذا
      شيء يجعل النبي زعلان وحزين ووشه مش مرتاح = فهذه صفات بشرية عادية يانزار.

      لاتؤثر بمقام الرسالة والدين.

      أطمئن يانزار باشا

      حذف
  8. طيب
    أنت قلت يامجد ان الموضوع مش بدرجة أساسية كلمة عبس.
    بل
    (فقتل كيف قدر) بدرجة أساسية ومهمة.
    صح كلامكم أنا قلت ذالك ولن أتراجع عنه.
    طيب
    نورنا يامجد بما أفاض عليك؟
    حاضر
    شوفوا بسورة المدثر
    ( ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا (11) وَجَعَلۡتُ لَهُۥ مَالٗا مَّمۡدُودٗا (12) وَبَنِينَ شُهُودٗا (13) وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمۡهِيدٗا (14) ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ (15) كَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا (16) سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا (17) إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ (23) فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ (24) إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ (25) سَأُصۡلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبۡقِي وَلَا تَذَرُ (28)).
    .........
    حضراتكم مش عاوز منكم ان تركزوا على كلمة عبس وبسر

    فقط
    عاوز منكم أن تركزوا على المشابه لكلمة ( فقتل كيف قدر) التي بسورة عبس.
    وهي هذه الايات

    ردحذف
  9. طيب
    نشوف آيات سورة المدثر التي تخص موضوعنا وهي:

    ( ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا (11) وَجَعَلۡتُ لَهُۥ مَالٗا مَّمۡدُودٗا (12) وَبَنِينَ شُهُودٗا (13) وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمۡهِيدٗا (14) ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ (15) كَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا (16) سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا (17) إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ (23) فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ (24) إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ (25) سَأُصۡلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبۡقِي وَلَا تَذَرُ (28)).
    +
    ( إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ (23)).
    +
    طيب
    مجد يقول: ياسادة ياكرام
    أعملوا مقارنة بين الايات بسورتي المدثر وعبس.
    بسورة عبس( قتل الانسان ما أكفره )
    و
    بسورة المدثر
    (إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ (23)).
    +
    بسورة عبس(عبسى وتولى)
    و
    بسورة المدثر( ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر وأستكبر )

    ردحذف
  10. طبعا رأيي يتوافق مع صاحب المدونة في مواضع ويختلف معه في مواضع.
    و
    كذالك رأيي يتوافق معكم في مواضع ويختلف معكم في مواضع أخرى.
    طيب
    وضح يامجد؟
    حاضر
    قصدي أتوافق مع صاحب المدونة بأن عبوس النبي عادي وطبيعي بحكم طبيعته البشرية. وهذا شيء لاينتقص من مقام سيدنا النبي.
    وأختلف مع صاحب المدونة بأن العابس ليس سيدنا النبي. بل هو العابس الذي بسورة المدثر.
    ........
    وأتفق معكم بأن العابس ليس سيدنا النبي.وأختلف معكم لعدم قبولكم فكرة أن سيدنا النبي عبس.
    فمجد رأيه منصف وعاقل وممتاز

    ردحذف
  11. هل هذا كل مافي جعبتك يامجد؟
    كلا
    في جعبتي كثير لم أظهره بعد.
    أنتظروا العلم الدسم يوم غد بإذن الله العليم

    ردحذف
    الردود
    1. ( ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ (23) فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ (24) إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ (25) سَأُصۡلِيهِ سَقَرَ (عبس)
      ففي سورة عبس:
      (عبس)تساوي (عبس وبسر) التي بسورة المدثر.
      (وتولى) تساوي (ثم أدبر وأستكبر) التي بسورة المدثر.

      حذف
    2. طيب
      ما.معنى الايات التي بسورة المدثر.( انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر)؟
      هذه الايات هي مفتاح الحل والفهم!!!!
      طيب
      بالحديث او بالقصص ان الوليد بن المغيرة قال عن القران المجيد
      ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان اعلاه لمثمر وان.أسفله لمغدق وأنه يعلى ولا يعلى عليه.
      فلما سمع سيدنا الرسول هذا الكلام أرتاح وأنبسط وحاول دعوة الوليد بن المغيرة للاسلام.
      وحدث بينهما تحاور ونقاش وكلام وأخذ ورد عن الاسلام.
      وكان.الوليد بن المغيرة عاوز يخش بالاسلام. والدليل بتاعي من القران (انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر)
      يعني
      كان بنفوخه صراع فكري ديني هل يخش الاسلام او لا؟
      فحدث صراعي نفوخي دماغي بنفسه وعقله بموضوع الاسلام.
      فقام.سيدنا النبي بأعطاءه مكانة مرموقة وهي أرسله او بعثه او جعله مندوب له صلى الله عليه وسلم لمحاوراة قيادات قريش السياسية والاقتصادية.

      حذف
    3. يعني
      كان الوليد بن المغيرة( ممثل ومندوب ومفوض ووكيل وسفير)
      من قبل سيدنا الرسول لمحاوراة قيادات وزعامات قريش.
      و
      أثناء حواراته مع قيادات قريش دخل الاعمى لمجلس فيه الوليد وزعامات قريش.
      فالوليد عبس وتولى من الاعمى.

      حذف
    4. طيب
      أين دليلك يامجد؟
      الدليل بتاعي بسورة المدثر
      ياأيها المدثر قم فأنذر
      فسورة المدثر ببدايتها تحث.سيدنا الرسول على الانذار بنفسه= قم فأنذر.
      بنفسك بذاتك يامحمد قم فأنذر.
      وبعدين تقول السورة: ذرني ومن خلقت......... إلى نهاية الايات.
      يعني
      إللي.عبس بسورة المدثر هو نفسه إللي عبس بسورة عبس.

      حذف
    5. بافي سؤال يدور بذهنكم وهو ليه الخطاب ب

      ومايدريك لعله يزكى يعني خطاب كاف المخاطب للنبي؟
      الجواب
      سهل وبسيط جدا

      ولله المثل الأعلى

      الله = رئيس البلاد
      الرسول= وزير الخارجية
      العابس = هو السفير
      يعني
      قام وزير الخارجية بتعيين( سفير ومندوب وممثل له) بدولة تانية.
      وقام هذا السفير بأساءة التصرف بمهامه البلوماسية المنوطة به = فقام بالعبوس ولوى بوزه بوش شخص أخر.
      فتصرفه هذا عكر صفو العلاقات بالدولة التانية.
      فقام
      رئيس الجمهوربة بتوجيه خطاب شديد اللهجة لوزير الخارجية ومايدريك لعله يزكى. ....... إلى بقية الأيات.
      يعني
      ياوزير الخارجية أحسن بأختيار السفراء والممثلين لك بالدعوة.

      هذا كل مافي الأمر = سهل وبسيط
      هل
      أفتهملكم قصة عبس وتولى؟

      حذف
    6. شكرا لك يامجد على توضيحك وشرحك القيم والممتاز
      الآن
      فهمنا قصة عبس وتولى

      حذف
  12. أستاذي الحبيب خالد، لو تأذنون في بعض الإستفهامات عندي لكم حين يسمح به وقتكم:

    تطرّقتم سيّدي إلى معنى العبوس و إن كان النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم معصوما بهذا المعنى أو لا، وكنتم في الرّسالة السّابقة قد أجبتموني بردّ أورده تباعا أسفله عن سؤال لي متعلّق بعصمة النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قد طرحت معه إستشكالا، حيث قلتم :

    "3- اما عن العتاب للنبي ..
    - فالعتاب لا ينفي عصمة النبي في التبليغ .. إذا ما علاقة هذا بذاك ؟!!
    - فكونه معصوم في التبليغ فهذا لأنه لن يمنعه أحد من تبليغ رسالته على أكمل وجه .. بل ولن يؤثر عليه شيء في ظاهره او باطنه ليفسد عليه تبليغه لرسالة ربه ..
    - وتبليغه لرسالة ربه لأحد المشركين هو فيها معصوم مما ينطق به .. وليس معصوم بمعنى أنه يتحرك لمقابلة الناس عن وحي أبلغه الله بذلك أن ينتقل ليقابل فلان ..!!
    - فالسعي أمر موكول لاختيارت النبي واجتهاده .. إلا لو أتاه الأمر بالسعي لمكان آخر مثلما حدث في الهجرة .."

    وإنّي سيّدي كنت قد سألتُ ما سألت لعقيدة عندي في عصمته صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، بل وفي جميع الأنبياء عليهم السّلام، ومعهم خاصّةُ أهل الكساء، مخالفا في ذلك الإخوة الزّيديّة والإخوة الإثني عشرية الذّين يُدخلون باقي السّبعة ممّن يرون إمامتهم من آل البيت في العصمة، وأيضا مخالفا، فيما أعلم، لمذهب عموم أهل السنّة والجماعة، وإنّ العصمة عندي أنّه صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم معصوم من الخطأ مهما قلّ، وبتوضيح أكثر:

    فالعصمة عندي هي ملكة تعصم صاحبها من الوقوع في الخطأ مع القدرة على تركه أو فعله (ﻷنّ المعصوم مكلّف، لذلك له القدرة على إتيان الخطأ أو تركه، ولكنّ هذه الملكة تعصمه)، وجليّ ظاهر أنّ إختلافا عندي في فهم العصمة جعلني أنكر أن يكون النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم هو المعنيّ بالآية محلّ النّقاش، إذ لا يكون العتاب الإلاهي إلّا بسبب خطأ.

    ولأنّي أحبّ متابعة تفسيركم الذّي ستوردونه آخر الرّسالة، ولكي يكون بناء التأويل لاحقا واضح المعنى عندي جليّ الدّلالة، فإنّي أسوق إليكم أسئلة قد تكون عسيرة في البيان ولكنّها مطلوبة للإطمئنان :

    1- أرجو أن تعرّفوا لي مفهوم العصمة عندكم؟
    2- ما سند هذا التّعريف لها بحث لا يكون مخالفا لمحكم القرآن؟
    3- هل النبيّ يمكن أن يخطأ عندكم؟

    أرى أنّ هذه مباني يجب التّأسيس عليها أوّلا لنواصل محاولة الفهم لهذه الآية، هذا وإنّي لعلى علم باختلاف تعريفاتها هذه العصمة حتّى بين السّلف أنفسهم، فمنهم من يرى جواز أن يكون نبيّ من الأنبياء كافرا أصلا قبل بعثته، ومنهم من لا يراه معصوما إلّأ في الكبائر دون الصّغائر، و...

    فأيّ المباني هي في هذا الشّرح مبنانا ؟

    سدّد الله خطاكم، وشرّفكم بوصال الحبيب بأن تكون كلّ ليلة معه لقياكم، اللهم آمين آمين آمين وجميع المحبّين يا رب العالمين

    ردحذف
    الردود
    1. أستاذي الحبيب خالد،
      أحبّ أن أُشفع بعض ما يذهب إليه فكري ببعض الأحاديث الصّحيحة المقبولة عندي ما دامت لا تتعارض مع محكم آي القرآن، إليكم أحدها وقد صحّحه الألباني:

      عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كنتُ أكتُبُ كلَّ شيءٍ أسمَعُهُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أُريدُ حِفْظَهُ، فنهَتْني قريشٌ، وقالوا: أتكتُبُ كلَّ شيءٍ تسمَعُهُ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَرٌ يتكلَّمُ في الغضبِ والرِّضا؟! فأمسَكْتُ عَنِ الكِتابِ، فذكَرْتُ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأَوْمأَ بإِصْبَعِهِ إلى فِيهِ، فقال: اكتُبْ؛ فوالذي نفْسي بيدِهِ، ما يخرُجُ منه إلَّا حقٌّ.

      الشّاهد من الحديث أنّ عبد الله بن عمر كان يكتب كلّ شيئ عنه صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فان قال لرجل "خذ" فانه سيكتبها، وغن قال كذا وكذا فانه يكتب، وهذا سواء كان غاضبا صلى الله عليه وسلّم أم لا، بدليل إقراره صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بل وأمره أن يكتب عنه في كلّ حالاته.

      بناء على هذا الحديث، وقد أورد تباعا وحسب سياق رسائلكم، فإنّ حديث رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم مع المشركين لم يكن للتلهّي، بل كلّ ما يقوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وفي جميع أحواله البشريّة هو حق، فهل يعاتب الله نبيّه صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على فعل الحق؟

      وهنا أتناول فقط عصمته هو صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فهي مناط البحث هنا، ولم أشأ ذكر ما قد يراه البعض خطأ لنبيّ الله يونس أو ذنبا لنبي الله موسى أو عصيانا لنبي الله آدم عليهم السلام أجمعين، أو لغيرهم من الأنبياء؛ ولذلك سيّدي خالد أعذروا ما قد ترونه غريبا منّي في بهذا التمترس، فوالله إنّ له لسببا، وليس جحودا أو عدم قبول بالرّأي المخالف، أبدا، فها أنّي أطرح بعض مستنداتي العقليّة لفهم الجديث، فلتعش بكرامة أو لنكبّر عليها الأربع تكيرات هذه المستندات، وسترونني إن شاء الله أقبل بكلّ الحجج المنطقيّة لا أكابر.

      تحيّاتي لكم

      حذف
  13. بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
    أم بعد
    ملخص ما جاء في الفصول السابقة حسب فهمي الشخصي . والله أعلم
    مستعينا بتفسير الطنطاوي ' وما أورده الأستاذ خالد

    #أولا مع معاني بعض مفردات في سورة عبس
    عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ [عبس : 1]
    العبوس
    ،ظهور الانزعاج والضيق على ملامح الوجه "وهو تقطيب الوجه ، وتغير هيئته"
    نتيجة حزن أو غضب أو كراهية (انزعاج داخلي ).
    التولِّي
    والمراد به هنا الإِعراض عن السائل وعدم الإِقبال عليه.
    أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ [عبس : ٢]
    والأعمى :- المقصود به الصحاب عبدالله بن أم مكتوم .وذلك حسب صحة الروايات المشهورة.
    فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ [عبس : 6]
    التصدي :- الإقبال على الشخص بالحديث إليه والإصغاء لكلامه .
    فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ [عبس : 10]
    التلهي :- الإنشغال بشي عن شيء آخر '.. أو الانشغال بشخص عن شخص آخر.

    #ثانيا ملخص ما فهمته مما سبق
    أنه إن صح أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المقصود بضمير الغائب في قوله تعالى عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ' .
    وهو المخاطب في باقي الآيات من بداية قوله تعالى (وما يدريك ..)
    وذلك حسب أشهر الروايات المذكورة عن السيدة عائشة رضي الله عنها

    فيكون كالآتي
    #- أن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه انزعاج وضيق ظهر ذلك على ملامح وجهه ، وذلك
    اما أن يكون غضبا لله نتيجة اعراض الكفار عن الإيمان بالله ،
    أو حسرة على الكفار نتيجة عدم إيمانهم كما جاء في قوله تعالى( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )[الشعراء : 3]

    وأثناء انشغاله بدعوة هؤلاء الكفار وحرصه الشديد على أن يستمعوا لقوله ويستجيبوا لأمر الله

    أتاه الصحابي الجليل (عبدالله ابن أم مكتوم)

    [■وهو صحابي كفيف من الصحابة الأوائل الذين أسلموا وهاجروا إلى المدينة قبل هجرة النبي "صلى الله عليه وسلم"

    ●وكان هذا الصحابي لم يكن هاجر بعد في ذلك الوقت ... ولكن على الأرجح أنه كان مؤمنا لقوله تعالى {وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9)} [عبس : 8-9]..

    ونتيجة انشغال النبي بهؤلاء الكفار ومحاولة هدايته لهم فقد انشغل عن الصحابي ابن أم مكتوم ، فأعرض عنه وبه ما به من الانزعاج والضيق والذي ظهر أثره في عبوس وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم

    ■■ هذا في حال أن صح أن العبوس خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم

    ننتظر ان شاء الله مع استاذنا
    مزيد علم وتوضيح لما خفي عن عقولنا وقلوبنا

    س/ هل المقصود بالعبوس للنبي كما في رواية السيدة عائشة، أم هناك رأي آخر ؟
    س/ما الحكمة في قوله تعالى "أن جاءه الأعمى "
    هل كما يقول بعض المفسرين .. ان ذكر علة العمي للتأكيد أنه أجدر أن يهتم به النبي ..

    ■أم مزيد كرامة لهذا الصحابي لحرصه الشديد على تزكية نفسه والوصول بها أعلى المقامات ،، مع ما به من علة تزيل عنه الحرج في أكثر من موقف
    ((مثل حرصه على رفع الراية في الحروب ))

    ننتظر مزيد من التذوقات والإشارات التى تنير القلب والعقل لمزيد من التأمل والتدبر في آيات الله
    جزاكم الله عنا خير استاذنا ونفعنا بكم .


    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف